لولا أني رأيتُ هم لقلت إنه مجرد وهم أو هراء او خيال.. ظلال نورية لجيل
الصحابة الكرام أو نُسخ أخرى لست أدري.. ولقد رأيتهم وما كذبت عيني؛ فمنهم
من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا.. فلله درهم.. أي رجال هم!؟
من بلاد الأناضول تشرق شمسهم، ثم تتدفق أشعتها نحو العالم خيوطا بلورية
وهاجة، تصل الأرحام القديمة وتذكي الحنين الجريح.. مجانين.. يعشقون الخدمة
اغترابا، من قـرًّ “سبريا” إلى حرّ جنوب إفريقيا.. ولا تركوا جزيرة أو مغارة أو سهلا أو
جبلا من كل قارات العالم إلا دخلوه، ووزعوا فيه شعاعات الصبح القريب..!
رجال.. لو تحدث عنهم كتاب قديم، لقلنا إنها مبالغة من مبالغات كتب
القصص والطبقات والمناقب.. ولكنهم يعيشون “الآن”في الحاضروالمستقبل،
فها هم أولاء أمامك نماذج حية من الشوق الملتهب والفاعلية العظيمة. نظرة
واحدة فيهم تغنيك عن قراء ة كتب الفلسفة والأخلاق وخيالات المدينة الفاضلة.
فهؤلاء لا يتكلمون عن الأخلاق، بل هم الأخلاق نفسها تمشي على
الأرض، في زمن صار الخلق الكريم فيه قطعة مهملة في متحف التاريخ.
سادتي…! أنتم المجاهدون حقا، فعليكم من اللّه السلام.