التوحيد الذي يدعونا إليه “النورسي” ليس تقريريًّا، ولا تلقينيًّا، ولا
تقليديًّا، ولا ترديديًّا، بل استكشافيًّا.. فيه ما في الاستكشاف من متعة
ومغامرة ومعاناة، فهو يأخذنا -عبر خواطره- في جولة استكشافيّة في
أغوار النفس الإنسانية، ويدور بنا في أنسجة الروح والفكر والضمير، ثم
يزيح التراب عن ذاكرة الكون الموؤودة تحت ركام علوم العصر،
ّ ويستنطقها لتحدثنا عن بصمات”التوحيد” وتدلّنا على آيات الإله
الواحد الذي لا يقبل الشريك..
ولا يتركنا إلا ونحن اكتشفنا “التوحيد” وألتقيناه في أشد الأشياء الكونية
والنفسية بداهةً، فينبثق في صميم أفئدتنا انْبثاقًا، وينغرس بشكل عفويّ في أعماق أرواحنا وضمائرنا، فيهز هذا التوحيد الاستكشافي أعماق النفس، ويفعم الذهن بطاقات الذكاء، ويشد في الوجدان أجهزة التلقي
عن الكون والحياة، فيستمر المسلم كشافاً رائداً لأعمق الحقائق- في
الكون والإنسان- في ديمومة لا تتوقف حتى تتوقف حياته… فيزيد
فهمًا، ويتسع وعيًا ويخصب وجودًا وحياةً.