نفخة البعث – شواهد الحياة بعد الموت

أالموتُ نهايةٌ أم بداية؟
وأين تكتملُ العدالةُ في هذا الوجود؟

يأتي كتاب «نفخة البعث» ليعالج، من أوله إلى آخره، القضية المضنية التي أعيت الأجيال، وشغلت العقول والأفهام، ألا وهي قضية معنى الحياة وغاية الوجود، وقضية الموت وما بعده. وهو في جوهره محاولة جادّة للإجابة عن الأسئلة الوجودية الكبرى التي تؤرق الإنسان، وتزداد حدّتها في نفوس الشباب خاصة، حين يواجهون أسئلة الخلود والبقاء، والأبد والأبدية؛ تلك الحقائق التي بشّر بها مئات الألوف من الأنبياء والرسل في كتبهم ورسالاتهم، وتناولها عبر التاريخ المئات من الفلاسفة والحكماء وأصحاب البصيرة.

يقدّم الأستاذ محمد فتح الله كولن في هذا الكتاب معالجةً فكريةً وروحيةً متكاملة، لا تكتفي بإثبات عقيدة البعث بوصفها أصلًا إيمانيًا، بل تكشف عن كونها ضرورة عقلية، وحقيقة فطرية، وأساسًا أخلاقيًا لا غنى عنه لفهم معنى الحياة واستقامة السلوك الإنساني. فالكتاب يقدّم في الوقت ذاته غذاءً روحيًا ووجدانيًا للذين يعضّهم الجوع الروحي، ويثقل كواهلهم العطش المعنوي في عالمٍ طغت عليه المادية، وبهت فيه معنى الغاية.

ينطلق المؤلف من حقيقة محورية مفادها أن الإيمان بناءٌ متكامل لا يقبل التجزئة؛ فالإيمان بالله، وبالنبوة، وبالقرآن، يستلزم بالضرورة الإيمان بالآخرة، لأن العدل المطلق، والرحمة الشاملة، والحكمة الإلهية، والجمال الكامل لا يمكن أن تكتمل في عالمٍ محدودٍ زائل.

«الإيمان بالآخرة ليس فكرةً مؤجَّلة، بل قوةٌ تصنع الإنسان اليوم».

قضية الإنسان… وقضية الحضارة

يؤكد الكتاب أن قضية البعث ليست قضية فردٍ أو أفراد، ولا قضية شعبٍ أو شعوب، بل هي قضية الجنس البشري بأجمعه، وقضية الحضارات التي قامت ثم اندثرت، والحضارات القائمة التي ستؤول يومًا ما إلى الزوال. إنها قضية الإيمان التي نأت عنها أجيال، وخاصمتها بعض الجماعات، فكان من نتائج ذلك فقدان البوصلة الأخلاقية، واضطراب المعنى، وسيادة القلق الوجودي.

«هذا العالم لا يكفي… ولذلك كانت الآخرة».

محاور الكتاب

يعالج الكتاب قضية البعث في بناء متدرج يجمع بين العقل والقلب، ومن أبرز محاوره:

• فاعلية البعد الأخروي في حياة الإنسان، وكيف يصنع الإيمان بالآخرة إنسانًا مسؤولًا، متوازنًا، صابرًا على الابتلاء.

• القرآن الكريم وحقيقة البعث والنشور، من خلال ربط الخلق الأول بالبعث الثاني ربطًا عقليًا وبيانيًا.

• شواهد الكون والحياة، من دورة الموت والحياة إلى النظام الكوني الدقيق الذي ينفي العبث والعدم.

• التاريخ والفلسفة وعقيدة البعث، واستعراض إيمان الحضارات والفلاسفة ببقاء الروح والحياة بعد الموت.

• البعث روحًا وجسدًا، معالجة هادئة متوازنة ترد على الشبهات وتثبت كرامة الإنسان في العالم الآخر.

«كلُّ دليلٍ على وجود الله هو في الوقت نفسه دليلٌ على وجود الآخرة».

خلاصة

«نفخة البعث» ليس كتابًا عن الموت بقدر ما هو كتاب عن الحياة الحقيقية.
ليس خطابًا تخويفيًا، بل نفخة وعي، ونداء أمل، وبعثٌ للمعنى في زمن كاد يفرغ فيه الوجود من غايته.

«الموت ليس نهاية الطريق، بل بوابة العدل الإلهي».
«ما ضاع حقٌّ إلا وكان له موعد».

كتاب يُقرأ بالعقل، ويُتذوَّق بالقلب، ويُثمر رؤيةً متوازنةً للحياة، وسلوكًا إنسانيًا قائمًا على الإيمان، والمسؤولية، والرجاء.